جرت عادة التّونسيين بل أهل غالب المدن بأنّهم يجعلون في وقت المصيف أشياء يدخرونها مؤونة لهم للقيام بمعاشهم بقية السّنة، و هاته الآشياء هي الكسكسو لكن حبوبها أكبر جرما منه، وكذللك البرغل، و هو قمح يطبخ ثم يهرس في مهراس كبير، و يذبحون مع ذلك رؤوسا من البقر أو الغنم، و الـأكثر البقر، يجعلون لحمها قديدا و يصبّون عليه ما يكفيه من الزّيت المغلّي , فيصير اداما طيّبا , ويجعلونه في جرّة ضخمة، وكذلك، يشترون في وقت المصيف أيضا ما يكفيهم من الحبوب و الآبزرة، و من الفلفل الشائح، والطماطم منها ما يشرّح و منها ما يعصر،و تخزن جميع الآشياء المذكورة في جرات و قلال و أزيار و غيرها في بيت من بيوت الدّار يسمى بيت المؤنة, ويخرج منه ما يكفيهم يوميا مدّة السّنة، و هذا من باب الاقتصاد عند عموم البلدية بحيث انّ من لم يدّخر المؤونة فهو غير بلدى, وبعض البلدية الحذاق النبهاء يدخرون كل شيئ مما يلزم المنزل مثل الحطب و الفحم و البصل الصيفي و الفلفل الشائح والثوم و الجبن المملح و المكانس و السمن و العسل و سائر الحبوب و البامية الشائحة و الملوخية و الآبزرة ,و غير ذلك بحيث ان البلدي لا يبقي له من النفقة إلا شراء
اللحم وبعض الغلال الوقتية و غالب أهل الحاضرة لا يأكلون من الأسواق.
Apr 27